تُعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة إحدى الوجهات الأكثر نمواً واستقطاباً للأنشطة اللوجستية إقليمياً وعالمياً. وتكمن الأفضلية التنافسية للدولة في العديد من المقومات، من أبرزها موقعها الاستراتيجي المتميّز وبنيتها التحتية المتطورة وتنامي زخم التجارة. وتُعزى جاذبية الدولة لشركات اللوجستيات إلى مجموعة من العوامل، من ضمنها تنوع الفرص المتاحة في ظل البيئة المُشجِّعة للاستثمار، وسياسة السوق المفتوح، والصلات الوثيقة للإمارات بمنظومة الاقتصاد العالمي بحكم أنها بوابةٌ بين الشرق والغرب. وتتخذُ العديد من شركات اللوجستيات العالمية من دولة الإمارات مقراً إقليمياً لها، وتزاول عملياتها من خلال مقراتٍ ومرافق تنتشر على امتداد الدولة، الأمر الذي يعزز مكانة قطاع اللوجستيات كأحد المحركات المهمة للاقتصاد الوطني.
ويُساهم تبني الدولة لنهج التنمية المُستدامة في تسريع وتيرة تحول القطاع اللوجستي نحو نموذجٍ أكثر استدامة، وهو ما يتمثل في ارتفاع أعداد المستودعات الصديقة للبيئة محلياً، واستمرار الدولة باتباع الممارسات المستدامة في العمليات اللوجستية وفق أعلى المعايير العالمية. ونتيجةً لهذا النهج، شهدت المساحات الصناعية الصديقة للبيئة توسعاً مضطرداً على مدار السنوات، مما أتاح للشركات اللوجستية تشغيل مرافقها بأقل أثر بيئي ممكن.
وفي هذا الصدد، تحتضن منطقة عجمان الحرة مجموعةً من أحدث المستودعات المستدامة ضمن المنطقة الخضراء الصديقة للبيئة التي تمتد على مساحة 9,070 متر مربع، وتلبي احتياجات شركات اللوجستيات المحلية والإقليمية والعالمية. ويتضمن هذا المشروع المُستدام 82 من الوحدات متعددة الاستخدامات بتكلفةٍ إجمالية تبلغ 36 مليون درهم. ويرى سعادة المهندس علي السويدي، مدير عام منطقة عجمان الحرة، بأن المنطقة الخضراء الصديقة للبيئة تعتبر ركيزة أساسية ضمن استراتيجية المنطقة الحرة لتعزيز الاستدامة. وتمثل هذه المبادرة إحدى مساهمات المنطقة الحرة في جهود الإمارة لإرساء دعائم الاقتصاد اللوجستي المستدام، حيث تتفرد المنطقة الخضراء بتصميمها الذي يتيح لها تقديم الدعم الكامل للأنشطة الصناعية والتجارية باستخدام وسائل صديقة للبيئة.
عند تصميم المستودعات المستدامة، حرصت المنطقة الحرة على الجمع بين المُدخلات والمخرجات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية لعمليات المستودعات والتخزين سعياً لتحقيق الفائدة المثلى من جهة، والحد من الآثار السلبية على البيئة من جهة أخرى. وقد أتاح ذلك للمرافق الصديقة للبيئة أن تتعامل بكفاءة مع العمليات التشغيلية للتخزين، مع استيفاء التشريعات البيئية. وتتفرد هذه المرافق بكونها مزودة بالتقنيات الأنسب للحد من النفايات وخفض استهلاك الطاقة وتعزيز الكفاءة، الأمر الذي يتيح لها توفير النفقات المالية وزيادة الربح الإجمالي وتحقيق الأهداف البيئية. فعلى سبيل المثال، تتضمن مستهدفات إدارة منطقة عجمان الحرة تقليل استهلاك المياه. وتمتاز المستودعات بحلولها الفعالة في إدارة النفايات، ومحطاتها عالية الكفاءة للتحميل وركن المركبات وشحن المركبات الكهربائية بالاعتماد على الطاقة الشمسية، والمراكز التموينية المتاحة دائماً.
وتقع هذه المرافق بجوار ميناء عجمان، وهي متصلةٌ بالموانئ الرئيسية لدولة الإمارات. كما أنَّ المستودعات متصلةٌ بنظام إنذار عند وقوع حرائق ومرشات مياه للإطفاء وشبكة كاميرات مراقبة تعمل على مدار الساعة. وتتيح هذه المستودعات للشركات العاملة ضمن المنطقة الحرة إمكانية الحد من أثرها البيئي. وذكر سعادة المهندس علي السويدي أنَّ المستودعات المستدامة تمثل خطواتٍ سباقة على مستوى القطاع اللوجستي، ومن شأنها أن تدعم تحول إمارة عجمان نحو اقتصادٍ مُستدام من خلال المساهمة في زيادة الحصة السوقية للطاقة النظيفة في الدولة بما يتماشى مع "رؤية الإمارات 2021.". كما يندرج هذا المشروع في إطار جهود منطقة عجمان الحرة لدعم خطة الاقتصاد المستدام، والتي تمثل إحدى المستهدفات الخمسة لـ "رؤية عجمان 2021" التي اعتمدها سمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي، ولي عهد إمارة عجمان ورئيس المجلس التنفيذي للإمارة.
وأكد سعادتهُ أنَّ منطقة عجمان الحرة ملتزمةٌ بتعزيز الاستدامة ضمن قطاع اللوجستيات، مشيراً إلى أنَّ فريق عمل المنطقة الحرة سيواصل اتخاذ الخطوات الكفيلة بتلبية متطلبات الاستدامة واحتياجات مجتمع الأعمال، بما في ذلك شركات اللوجستيات، بالتوازي مع إرساء بيئة أكثر ملاءمةً وجاذبية للمستثمرين. وتهدف هذه المبادرات إلى تشجيع وتحفيز الشركات الملتزمة بيئياً على الاستثمار في عجمان ودولة الإمارات، وبشكلٍ خاص في منطقة عجمان الحرة. كما تعكس هذه الجهود إيمان المنطقة الحرة بأهمية دور مجتمع الأعمال في تطور اقتصاد الإمارة. مما لا شكَّ فيه أن الاستدامة ستشكل محوراً رئيسياً ضمن المسار المُستقبلي لقطاع اللوجستيات. وحرصاً على مواكبة هذا التوجه، تمضي منطقة عجمان الحرة قُدُماً في تنفيذ مشاريع تعزز الاستدامة بما يتماشى مع الرؤى والأهداف الوطنية الطموحة لدفع مسيرة التنمية المستدامة.